المدوّنة

الجفاف في سوريا

نوديرا أحمد خوجاييفا أكتوبر 10, 2015

قلة المياه وشح مصاردها وحدهما لا تؤديان إلى صراع مسلح، إلا أن هذه الظاهرة كانت أحد الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب الأهلية في سوريا. كانت العوامل البيئية المتغيرة ونقص مصادر المياه وفشل الحكومة السورية في التعاطي مع هذه المشاكل مسببات رئيسية لهجرة داخلية كبيرة من الريف إلى المدينة ولسخط في التجمعات القروية كان بدوره عاملاً أساسياً لاندلاع الصراع. تبنّت الحكومة السورية ابتداء من عام 2000 مجموعة سياسات فاقمت تأثير موجة الجفاف على المجتمعات القروية، ما أدى إلى هجرات جماعية إلى المدن في حين كانت هذه المدن تعاني لاستيفاء احتياجات سكانها.

قبل بدء الحراك الشعبي السلمي الذي سبق الحرب الأهلية، كانت سوريا تواجه واحدة من أشد موجات الجفاف المسجلة في تاريخها المعاصر.  نقص مصادر المياه بين 2006 و2010 تسبب في انفخفاض منتوج عدد من المحاصيل الزراعية المهمة في البلاد كالقمح والشعير. معدلات هطول الأمطار خلال هذه السنوات كانت الأقل منذ قرن. وبسبب اعتماد 90 بالمئة من الأراضي الزراعية على مياه الأمطار، كان الضرر كبيراً ليس من الناحية البيئية والزراعية فحسب، بل من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، حيث كانت أكثر من 20 بالمئة من الأيدي العاملة في البلاد تعمل في المزارع أو الصناعات الغذائية.

بين عام 2006 وحتى بدء المظاهرات، هاجر ما يقارب 1.5 مليون من سكان الأرياف إلى المدن، معظمهم إلى دمشق، درعا، حمص، وحلب. بحلول 2010، هُجرت حوالي 160 قرية في الأرياف المحيطة في حلب تقريباً بالكامل. هذه الهجرة الكبيرة كان لها تأثيراً كبيراً على تطور الصراع في سوريا وسيكون لها تبعات خطيرة على أي عملية إعادة إعمار ستأتي.

جفاف من هذا المعيار والذي خفض مدخول سكان الأرياف بهذا الشكل كان لأوقف أي حكومة على قدميها، إلا أن الحكومة السورية أدت أداءاً هزيلاً  في مواجهة الأزمة. بدءاً من عام 2004، خُفّض الدعم الزراعي للمناطق الريفية كالخدمات الإرشادية وأنواع الدعم الأخرى. التوجه الحكومي المفترض نحو السوق الحر – في الواقع كان تحولاً نحو رأسمالية المحسوبيات – قادها لإهمال الزراعة. الفشل على الأمد الطويل في الاستثمار في الريّ وأسواق جديدة، بالإضافة لعدم فعالية سياسات الدعم الحكومي أدى إلى إضعاف اقتصاد الريف ودفع السكان إلى المدن بأعداد كبيرة، ليجدوا نفسهم في المناطق المهمشة في ظل توفر قليل من فرص العمل. بدأ هذا التوسع المدينيّ بُعيد وصول ما يقرب من مليون لاجئ عراقي من الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.

الدروس طويلة الأمد المستقاة واضحة:

  • إعادة الإعمار الحضرية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار احتمالية أنه حين ينتقل الناس إلى المدن، نادراً ما يعودون إلى الريف. التعداد السكان في حلب المتناقص بسبب الحرب قد يرتفع بشكل كبير بعد الحرب.
  • على إعادة الإعمار إدراك أنه من المرجح أن تواجه سوريا حالة دائمة من شح المياه بسب تغير المناخ وضعف الجاهزية في مواجهة الجفاف.
  • يجب أن تكون إعادة بناء الخدمات الزراعية والشبكات التي تربط المدن بمناطقها الزراعية جزءاً أساسياً من إعادة الإعمار.
  • ستحتاج الزراعة السورية للتوجه نحو ريّ فعال وترشيد في استخدام المياه.
نوديرا أحمد خوجاييفاالجفاف في سوريا

Related Posts

نلقي نظرة على هذه المواد